فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: المراد بالقربى أقرباء النبيّ صلى الله عليه وسلم.
والأوّل أصح؛ فإن حقهم مبيّن في كتاب الله عز وجل في قوله: {فَأَنَّ للَّه خُمُسَهُ وَللرَّسُول وَلذي القربى} [الأنفال: 41].
وقيل: إن الأمر بالإيتاء لذي القربى على جهة الندب.
قال الحسن: {حقَّه} المواساة في اليسر، وقول ميسور في العسر.
{والمسكين} قال ابن عباس: أي أطعم السائل الطوّاف؛ وابن السبيل: الضيف؛ فجعل الضيافة فرضًا، وقد مضى جميع هذا مبسوطًا مبيَّنًا في مواضعه والحمد لله.
الثالثة: {ذَلكَ خَيْرٌ لّلَّذينَ يُريدُونَ وَجْهَ الله} أي إعطاء الحق أفضل من الإمساك إذا أريد بذلك وجهُ الله والتقرُّبُ إليه.
{وأولئك هُمُ المفلحون} أي الفائزون بمطلوبهم من الثواب في الآخرة.
وقد تقدّم في البقرة القول فيه.
قوله تعالى: {وَمَآ آتَيْتُمْ مّن رّبًا لّيَرْبُوَا في أَمْوَال الناس فَلاَ يَرْبُوا عندَ الله}.
فيه أربع مسائل:
الأولى: لمّا ذكر ما يراد به وجهه ويثيب عليه ذكر غير ذلك من الصفة وما يراد به أيضًا وجهه.
وقرأ الجمهور: {آتَيْتُمْ} بالمد بمعنى أعطيتم.
وقرأ ابن كثير ومجاهد وحُميد بغير مدّ؛ بمعنى ما فعلتم من ربًا ليَرْبُوَ؛ كما تقول: أتيت صوابًا وأتيت خطأ.
وأجمعوا على المدّ في قوله: {وَمَآ آتَيْتُمْ مّن رّبًا}.
والربا الزيادة وقد مضى في البقرة معناه، وهو هناك محرّم وهاهنا حلال.
وثبت بهذا أنه قسمان: منه حلال ومنه حرام.
قال عكرمة في قوله تعالى: {وَمَآ آتَيْتُمْ مّن رّبًا لّيَرْبُوَا في أَمْوَال الناس} قال: الرّبَا ربَوان، ربا حلال وربا حرام؛ فأما الرّبا الحلال فهو الذي يُهْدَى، يُلتمس ما هو أفضل منه.
وعن الضحاك في هذه الآية: هو الرّبا الحلال الذي يُهدى ليُثاب ما هو أفضل منه، لا له ولا عليه، ليس له فيه أجر وليس عليه فيه إثم.
وكذلك قال ابن عباس: {وَمَا آتَيْتُمْ منْ ربًا} يريد هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه؛ فذلك الذي لا يربو عند الله ولا يؤجر صاحبه ولكن لا إثم عليه، وفي هذا المعنى نزلت الآية.
قال ابن عباس وابن جُبير وطاوس ومجاهد: هذه آية نزلت في هبة الثواب.
قال ابن عطية: وما جرى مجراها مما يصنعه الإنسان ليجازى عليه كالسلام وغيره؛ فهو وإن كان لا إثم فيه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى.
وقاله القاضي أبو بكر بن العربي.
وفي كتاب النَّسائي عن عبد الرحمن بن علقمة قال: قدم وفد ثَقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم هديّة فقال: «أهدية أم صدقة فإن كانت هدية فإنما يُبْتَغى بها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضاء الحاجة، وإن كانت صدقة فإنما يُبْتَغى بها وجه الله عز وجل» قالوا: لا بل هدية؛ فقبلها منهم وقعد معهم يسائلهم ويسألونه وقال ابن عباس أيضًا وإبراهيم النَّخعي: نزلت في قوم يُعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى نفعهم وتمويلهم والتفضّل عليهم، وليزيدوا في أموالهم على وجه النفع لهم.
وقال الشّعْبي: معنى الآية أن ما خدم الإنسان به أحدًا وخف له لينتفع به في دنياه فإن ذلك النفع الذي يَجزي به الخدمة لا يربو عند الله.
وقيل: كان هذا حرامًا على النبيّ صلى الله عليه وسلم على الخصوص؛ قال الله تعالى: {وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثرُ} [المدثر: 6] فنهي أن يعطي شيئًا فيأخذ أكثر منه عوضًا.
وقيل: إنه الربا المحرّم؛ فمعنى: {لاَ يَرْبُو عنْدَ اللَّه} على هذا القول لا يحكم به لآخذه بل هو للمأخوذ منه.
قال السدي: نزلت هذه الآية في ربا ثَقيف؛ لأنهم كانوا يعملون بالربا وتعمله فيهم قريش.
الثانية: قال القاضي أبو بكر بن العربي: صريح الآية فيمن يَهب يطلب الزيادة من أموال الناس في المكافأة.
قال المُهَلَّب: اختلف العلماء فيمن وَهَب هبة يطلب ثوابها وقال: إنما أردت الثواب؛ فقال مالك: ينظر فيه؛ فإن كان مثله ممن يطلب الثواب من الموهوب له فله ذلك؛ مثل هبة الفقير للغنيّ، وهبة الخادم لصاحبه، وهبة الرجل لأميره ومَن فوقه؛ وهو أحد قولي الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يكون له ثواب إذا لم يشترط؛ وهو قول الشافعي الآخر.
قال: والهبة للثواب باطلة لا تنفعه؛ لأنها بيع بثمن مجهول.
واحتج الكوفي بأن موضوع الهبة التبرع، فلو أوجبنا فيها العوض لبطل معنى التبرع وصارت في معنى المعاوضات، والعرب قد فرّقت بين لفظ البيع ولفظ الهبة، فجعلت لفظ البيع على ما يستحق فيه العوض، والهبة بخلاف ذلك.
ودليلنا ما رواه مالك في موطئه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أيّما رجل وهب هبة يرى أنها للثواب فهو على هبته حتى يرضى منها.
ونحوه عن عليّ رضي الله عنه قال: المواهب ثلاث: مَوْهبة يراد بها وجه الله، وموهبة يراد بها وجوه الناس، وموهبة يراد بها الثواب؛ فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يُثب منها.
وترجم البخاريّ رحمه الله باب المكافأة في الهبة وساق حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويُثيب عليها.
وأثاب على لقْحة ولم ينكر على صاحبها حين طلب الثواب، وإنما أنكر سخطه للثواب وكان زائدًا على القيمة خرجه الترمذي.
الثالثة: ما ذكره عليّ رضي الله عنه وفصّله من الهبة صحيح؛ وذلك أن الواهب لا يخلو في هبته من ثلاثة أحوال: أحدها: أن يريد بها وجه الله تعالى ويبتغي عليها الثواب منه.
والثاني: أن يريد بها وجوه الناس رياء ليحمدوه عليها ويُثْنُوا عليه من أجلها.
والثالث: أن يريد بها الثواب من الموهوب له؛ وقد مضى الكلام فيه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى» فأما إذا أراد بهبته وجه الله تعالى وابتغى عليه الثواب من عنده فله ذلك عند الله بفضله ورحمته؛ قال الله عز وجل: {وَمَآ آتَيْتُمْ مّن زَكَاةٍ تُريدُونَ وَجْهَ الله فأولئك هُمُ المضعفون}.
وكذلك من يصل قرابته ليكون غنيًّا حتى لا يكون كَلًا فالنية في ذلك متبوعة؛ فإن كان ليتظاهر بذلك دنيا فليس لوجه الله، وإن كان لما له عليه من حق القرابة وبينهما من وشيجة الرحم فإنه لوجه الله.
وأما من أراد بهبته وجوه الناس رياء ليحمدوه عليها ويثنوا عليه من أجلها فلا منفعة له في هبته؛ لا ثواب في الدنيا ولا أجر في الآخرة؛ قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمَنُوا لاَ تُبْطلُوا صَدَقَاتكُم بالمن والأذى كالذي يُنْفقُ مَالَهُ رئَاءَ الناس} [البقرة: 264] الآية.
وأما من أراد بهبته الثواب من الموهوب له فله ما أراد بهبته، وله أن يرجع فيها ما لم يثب بقيمتها، على مذهب ابن القاسم، أو ما لم يرض منها بأزيد من قيمتها، على ظاهر قول عمر وعليّ، وهو قول مُطَرّف في الواضحة: أن الهبة ما كانت قائمة العين، وإن زادت أو نقصت فللواهب الرجوع فيها وإن أثابه الموهوب فيها أكثر منها.
وقد قيل: إنها إذا كانت قائمة العين لم تتغير فإنه يأخذ ما شاء.
وقيل: تلزمه القيمة كنكاح التفويض، وأما إذ كان بعد فوت الهبة فليس له إلا القيمة اتفاقًا؛ قاله ابن العربي.
الرابعة: قوله تعالى: {لّيَرْبُوَا} قرأ جمهور القرّاء السبعة: {ليربو} بالياء وإسناد الفعل إلى الربا.
وقرأ نافع وحده: بضم التاء والواو ساكنة على المخاطبة؛ بمعنى تكونوا ذوي زيادات، وهذه قراءة ابن عباس والحسن وقتادة والشعبي.
قال أبو حاتم: هي قراءتنا.
وقرأ أبو مالك: {لتربوها} بضمير مؤنث.
{فَلاَ يَرْبُوا عندَ الله} أي لا يزكوا ولا يثيب عليه؛ لأنه لا يقبل إلا ما أريد به وجهه وكان خالصًا له؛ وقد تقدّم في النساء.
{وَمَآ آتَيْتُمْ مّن زَكَاةٍ} قال ابن عباس: أي من صدقة.
{تُريدُونَ وَجْهَ الله فأولئك هُمُ المضعفون} أي ذلك الذي يقبله ويضاعفه له عشرة أضعافه أو أكثر كما قال: {مَّن ذَا الذي يُقْرضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثيرَةً} [البقرة: 245].
وقال: {وَمَثَلُ الذين يُنْفقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابتغاء مَرْضَات الله وَتَثْبيتًا مّنْ أَنْفُسهمْ كَمَثَل جَنَّةٍ برَبْوَةٍ} [البقرة: 265].
وقال: {فَأُولَئكَ هُمُ الْمُضْعفُونَ} ولم يقل فأنتم المضعفون لأنه رجع من المخاطبة إلى الغيبة؛ مثل قوله: {حتى إذَا كُنتُمْ في الفلك وَجَرَيْنَ بهم} [يونس: 22].
وفي معنى المُضعفين قولان: أحدهما: أنه تضاعف لهم الحسنات كما ذكرنا.
والآخر: أنهم قد أضعف لهم الخير والنعيم؛ أي هم أصحاب أضعاف، كما يقال: فلان مُقْوٍ إذا كانت إبله قوية، أَوْلَه أصحاب أقوياء.
ومُسْمن إذا كانت إبله سمانًا.
ومُعْطش إذا كانت إبله عطاشًا.
ومضعف إذا كانت إبله ضعيفة؛ ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الشيطان الرجيم» فالمخبث: الذي أصابه خبث، يقال: فلان رديء أي هو رديء؛ في نفسه.
ومردىء: أصحابهُ أردئاء. اهـ.

.قال ابن عطية:

وما جرى مجراهما مما يصنع للمجازاة، كالسلم وغيره، فهو وإن كان لا إثم فيه، فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله.
وقال ابن عباس أيضًا، والنخعي: نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى نفعهم وتمويلهم والتفضل عليهم، وليزيدوا في أموالهم على جهة النفع به، فذلك النفع لهم.
وقال الشعبي قريبًا من هذا وهو: أن ما خدم به الإنسان غيره انتفع به، فذلك النفع لهم.
وقال الشعبي أيضًا قريبًا من هذا وهو: أن لا يربو عند الله، والظاهر القول الأول، وهو النهي عن الربا.
وقرأ الجمهور: {وما آتيتم} الأول بمد الهمزة، أي وما أعطيتم؛ وابن كثير: بقصرها، أي وما جئتم.
وقرأ الجمهور: ليربو، بالياء وإسناد الفعل إلى الربا؛ وابن عباس، والحسن، وقتادة، وأبو رجاء، والشعبي، ونافع، وأبو حيوة: بالتاء مضمومة، وإسناد الفعل إليهم.
وقرأ أبو مالك: ليربوها، بضمير المؤنث.
والمضعف: ذو أضعاف في الأجر.
قال الفراء: هم أصحاب المضاعفة، كما تقول: هو مسمن، أي صاحب إبل سمان، ومعطش: أي صاحب إبل عطشى.
وقرأ أبي: {المضعفون} بفتح العين، اسم مفعول.
وقال الزمخشري: {فأولئك هم المضعفون} التفات حسن، كأنه قال لملائكته وخواص خلقه: فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم هم المضعفون، والمعنى: المضعفون به بدلالة أولئك هم المضعفون، والحذف لما في الكلام من الدليل عليه، وهذا أسهل مأخذًا، والأول أملأ بالفائدة: انتهى.
وإنما احتاج إلى تقدير ما قدر، لأن اسم الشرط ليس بظرف، لابد أن يكون في الجواب ضمير يعود عليه يتم به الربط. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَإذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً} أي نعمة من صحة وسعة ونحوهما {فَرحُوا بهَا} بطرا وأشرا فإنه الفرح المذموم دون الفرح حمدًا وشكرًا.
وهو المراد في قوله تعالى: {قُلْ بفَضْل الله وَبرَحْمَته فَبذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] وقال الإمام: المذموم الفرح بنفس الرحمة والممدوح الفرح برحمة الله تعالى من حيث أنها مضافة إلى الله تعالى: {وَإن تُصبْهُمْ سَيّئَةٌ} شدة {بمَا قَدَّمَتْ أَيْديهمْ} بشؤم معاصيهم {إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} أي فاجؤوا القنوط من رحمته عز وجل، والتعبير بإذا أولًا لتحقق الرحمة وكثرتها دون المقابل، وفي نسبة الرحمة إليه تعالى دون السيئة تعليم للعباد أن لا يضاف إليه سبحانه الشر وهو كثير كقوله تعالى: {أَنْعَمْتَ} في الفاتحة، وعدم بيان سبب إذاقة الرحمة وبيان سبب إصابة السيئة على الاستمرار في القنوط، والمراد بالناس أما فريق آخر غير الأول على أن التعريف للعهد أو للجنس وأما الفريق الأول لكن الحكم الأول ثابت لهم في حال تدهشهم كمشاهدة الغرق وهذا الحكم في حال آخر لهم فلا مخالفة بين قوله تعالى: {وَإذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُّنيبينَ إلَيْه} [الروم: 33] وقوله سبحانه: {وَإن تُصبْهُمْ سَيّئَةٌ بمَا قَدَّمَتْ أَيْديهمْ إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: 63] فلا يحتاج إلى تكلف التوفيق بأن الدعاء اللساني جار على العادة فلا ينافي القنوط القلبي ولذا سمع بعض الخائضين في دم عثمان رضي الله تعالى عنه يدعو في طوافه ويقول: اللهم اغفر لي ولا أظنك تفعل، أو المراد يفعلون فعل القانطين كالاهتمام بجمع الذخائر أيام الغلاء، ولا يخفى أن في المفاجأة نبوة ما عن هذا فتأمل.
وقرىء {يقنطون} بكسر النون {أَوَ لَمْ يَرَوْا} أي ألم ينظروا ولم يشاهدوا {أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لمَن يَشَاء} أن يبسطه تعالى له: {وَيَقْدرُ} أي ويضيقه على من يشاء أن يضيقه عليه، وهذا اما باعتبار شخصين أو باعتبار شخص واحد في زمانين، والمراد إنكار فرحهم وقنوطهم في حالتي الرخاء والشدة أي أولم يروا ذلك فما لهم لم يشركوا ولم يحتسبوا في السراء والضراء كالمؤمنين {إنَّ في ذَلكَ} المذكور أي البسط وضده أو جميع ما ذكر {لآيات لّقَوْمٍ يُؤْمنُونَ} فيستدلون بها على كمال القدرة والحكمة والله تعالى در من قال:
نكد الأريب وطيب عيش الجاهل ** قد أرشداك إلى حكيم كامل

قال الطيبي: كانت الفاصلة قوله تعالى: {لّقَوْمٍ يُؤْمنُونَ} إيذانًا بأنه تعالى يفعل ذلك بمحض مشيئته سبحانه وليس الغني بفعل العبد وجهده ولا العدم بعجزه وتقاعده ولا يعرف ذلك إلا من آمن بأن ذلك تقدير العزيز العليم كما قال:
كم من أريب فهم قلبه ** مستكمل العقل مقل عديم

ومن جهول مكثر ماله ** ذلك تقدير العزيز العليم

{فَئَات ذَا القربى حَقَّهُ} من الصلة والصدقة وسائر المبرات {والمساكين وابن السبيل} ما يستحقانه، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم على أنه عليه الصلاة والسلام المقصود أصالة وغيره من المؤمنين تبعًا، وقال الحسن هو خطاب لكل سامع، وجوز غير واحد أن يكون لمن بسط له الرزق، ووجه تعلق هذا الأمر بما قبله واقترانه بالفاء على ما ذكره الزمخشري أنه تعالى لما ذكر أن السيئة أصابتهم بما قدمت أيديهم أتبعه ذكر ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك، وحاصله على ما في الكشف أن امتثال أوامره تعالى مجلبة رضاه والحياة الطيبة تتبعه كما أن عصيانه سبحانه مجلبة سخطه والجدب والضيقة من روادفه فإذا استبان ذلك فآت يا محمد ومن تبعه أو فآت يا من بسط له الرزق ذا القربى حقه الخ، وذكر الإمام وجهًا آخر مبنيًا على أن الأمر متفرع على حديث البسط والقدر وهو أنه تعالى لما بين أنه سبحانه يبسط ويقدر أمر جل وعلا بالاتفاق إيذانًا بأنه لا ينبغي أن يتوقف الإنسان في الإحسان فإن الله تعالى إذا بسط الرزق لا ينقص بالإنفاق وإذا قدر لا يزداد بالامساك كما قيل:
إذ جادت الدنيا عليك فجد بها ** على الناس طرا إنها تتقلب

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ** ولا البخل يبقيها إذا هي تذهب

قال صاحب الكشف روح الله تعالى روحه: إن ما ذكره الزمخشري أوفق لتأليف النظم الجليل فإن قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق} [الروم: 7 3] لتتميم الإنكار على فرح بالنعمة عن شكر المنعم ويئش عند زوالها عنه، والظاهر على ما ذكره الإمام أن المراد بالحق الحق المالي وكذا المراد به في جانب المسكين وابن السبيل، وحمل ذلك بعضهم على الزكاة المفروضة.